تقرير يكشف فشل الإدارة وهزالة مردودية الوظيفة العمومية

كشف تقرير برلماني جديد، عن معطيات مهمة ترصد أعطاب واختلالات الإدارة العمومية، في مقدمتها عرقلة الاستثمارات وما لذلك من انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني.

وقال التقرير: بالرغم من الإجراءات المتعددة والإصلاحات المتعاقبة التي همت الإدارة العمومية طيلة السنوات الماضية، إلا أنها تعاني من العديد من الأعطاب البنيوية التي لم تستطع كافة الإجراءات والتدخلات التي تم اعتمادها، التغلب عليها، وقد شكلت مختلف الخطب الملكية التي تناولت موضوع الإدارة فرصة سانحة لتشخيص مختلف الأعطاب والاختلالات التي تشوب الإدارة حسب كل سياق على حدة، فضلا عن التقارير المؤسساتية الدولية والوطنية التي حاولت طيلة هذه السنوات وضع أصابعها على مناطق الخلل والقصور التي عانت منها الإدارة العمومية في الفترة السابقة قبل اعتماد الخطة الوطنية للإصلاح.

وحسب ذات التقرير، فإنه بالرغم من التدخلات الإصلاحية السابقة، التي اهتمت بموضوع اللاتمركز الإداري إلا أن واقع الأمر يبرز أن الإدارة العمومية مازالت تعاني من مركزية مفرطة تكمن أبرز تمظهراتها طيلة العقود الماضية، في غياب التوازن بين اختصاصات السلطات المركزية والمصالح اللاممركزة، حيث تم الإبقاء على معظم الاختصاصات في المركز دون إعطاء المصالح الخارجية صلاحيات واختصاصات ذات قيمة تقريرية، مما كان يحتم على المواطنين التنقل غالبا إلى المركز لقضاء أغراضهم الادارية، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول جدوى المصالح الخارجية آنذاك والغرض من إحداثها، فضلا عن معاندة كل توجه نحو التغيير كظاهرة ملحوظة ظل همها الأبرز الإبقاء على الصلاحيات الاستراتيجية والهامة في المركز، مما فوت على المملكة فرصا مهمة للتغيير والإصلاح وتقريب الإدارة من المواطنين بالشكل المطلوب.

وسجل التقرير إشكالية نقص الموارد البشرية في المصالح الخارجية، حيث برز تركيز الأطر العليا والكفاءات في المصالح المركزية، في المقابل، عانت المصالح الخارجية دائما من قلة الموارد البشرية والاعتمادات المالية، مما حد من تأثيرها وتدخلها، مع رصد تفاوتات كبيرة من حيث هذه الموارد بين مختلف الجهات، التي لا تستفيد من نفس الموارد، حيث تتركز النسب العليا بين المصالح المركزية المتواجدة في الرباط والمصالح الخارجية في نفس الجهة، ثم الدار البيضاء سطات، وجهة فاس مكناس، إذ أن عدد الموظفين في الجهات الأربع أكثر من نصف العدد الإجمالي للموظفين في باقي جهات المملكة.

كما أن قطاع الاستثمار يواجه صعوبات كبيرة في علاقته مع الإدارة، لاسيما المتعلقة بالتأخر في معالجة ملفات مشاريع، وغياب التفاعل مع الاستفسارات والشكايات والمشاكل التي تعترض المستثمرين، فضلا عن تعقد المساطر الإدارية التي شكلت عائقا حقيقيا للاستثمار، وشكل أيضا ضعف التأطير المؤسساتي لعملية الاستثمار وغياب قانون شامل له، عائقا حقيقيا، مع ضرورة الانتباه إلى ضعف إنتاجية المؤسسات والمقاولات العمومية وارتفاع مديونيتها، مما يؤثر بشكل سلبي على مردوديتها ومدى مساهمتها في النهوض بالاستثمار، يقول تقرير لجنة النموذج التنموي، مشيرا إلى قلق الفاعلين الاقتصاديين إزاء العلاقة المتوترة التي تربطهم بالإدارة ونقص الشفافية في قواعد اللعبة الاقتصادية.

وكشف ذات التقرير أن الإدارة المغربية عرفت بعض مظاهر الفساد الإداري داخل عدد من هياكلها، رغم أن العديد من الخطب الملكية تناولت موضوع الفساد الإداري، مؤكدا أن مظاهر الفساد بالإدارة العمومية تضرب مبادئ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص، وتحد من فعاليتها وإنتاجيتها، مما يؤثر سلبا على علاقتها بالمرتفق وأصبحت تشكل عائقا أمام خدمة المواطنين وأمام الاستثمار والتنمية.

وحسب نفس التقرير، فإن من المظاهر السلبية في الإدارة العمومية، كثرة الإجراءات والمساطر الإدارية والتسيير الانفرادي، وخلق نمط إداري تطبعه الرتابة والبيروقراطية، مما أدى إلى خلق نوع من النفور لدى المواطنين والمستثمرين الذين باتوا عرضة لتعطيل مصالحهم جراء الإفراط في التعقيدات الإدارية، الشيء الذي أثر على جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة المغربية، ووقفت بالتالي حاجزا أمام مسار الإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية ببلادنا.

وقد اتسم نظام الوظيفة العمومية بالضعف في الاعتماد على مبادئ الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الوظيفة العمومية، فضلا عن قصورها في الجانب المتعلق بمنظومة تنقيط الموظف، حيث أن عددا كبيرا منهم يعتبر الوظيفة العمومية وسيلة تضمن لهم أجرا قارا دون الأخذ بعين الاعتبار مردوديتهم وإنتاجيتهم، وغياب روح المسؤولية لدى الموظفين، مما يؤثر سلبا على أداء الإدارة العمومية ويضعف العلاقة بين الإدارة والمواطن.

عن الاختيار24

شاهد أيضاً

مبديع في رسالة بخط اليد. بغيت ندافع على راسي أمام المحكمة بلا نفوذ

قبل ستة أيام من إعتقاله وبعد ثلاثة أيام من إنتخابه، سيوجه محمد مبديع الوزير الحركي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر + 18 =