د. مصطفى العمراني الخالدي: اهمية دعوى جنوب افريقيا امام محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية في غزة.. صمت الجامعة العربية وما البديل القانوني لوفاة وسقوط القانون الدولي؟

د. مصطفى العمراني الخالدي…

من المقرر ان تنظر هذا الأسبوع محكمة العدل الدولية دعوى تتهم الاحتلال الإسرائيلي بالإبادة الجماعية لسكان غزة، وهي الدعوى المرفوعة ضد الاحتلال الإسرائيلي من طرف دولة جنوب افريقيا في قضية الإبادة الجماعية في قطاع غزة .

هكذا ستعقد محكمة العدل الدولية يومي الخميس 11 والجمعة 12 يناير 2024 جلسات استماع علنية في قصر السلام في لاهاي. مقر المحكمة، في الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في 29 ديسمبر 2023. وتجدر الإشارة إلى أن جنوب أفريقيا قدمت  دعوى ضد إسرائيل بشأن انتهاكات من جانب الاحتلال الإسرائيلي لالتزاماته بموجب اتفاقية منع التعذيب والمعاقبة عليه. ومعاقبة الجريمة (اتفاقية الإبادة الجماعية) فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة.

وستخصص جلسات الاستماع لطلب جنوب أفريقيا بإصدار أمر قضائي يأمر الكيان الصهيوني بوقف عدوانه في غزة لمنع الإبادة الجماعية،  وطلبت بريتوريا من المحكمة اتخاذ إجراءات مؤقتة عاجلة، بما في ذلك إصدار أمر للكيان الصهيوني بتعليق حملته العسكرية في غزة، بينما تستمر القضية. وفي هذا الطلب، تطلب جنوب أفريقيا من المحكمة أن تصدر تدابير مؤقتة من أجل “الحماية من إلحاق المزيد من الضرر الشديد الذي لا يمكن جبره بحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” و “لضمان امتثال الاحتلال الإسرائيلي لالتزاماته بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” .

هذا وطلبت محكمة العدل الدولية من كل من الاحتلال الإسرائيلي وجنوب إفريقيا تقديم مذكرات عن موقف كل طرف. ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لإسقاط الدعوى المرفوعة ضده من طرف جنوب افريقيا في قضية الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

في هذا السياف افاد موقع اكسيوس الامريكي ان وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيليّ اصدرت تعليمات لسفاراتها بالضغط على الدبلوماسيين والسياسيين في البلدان المضيفة لهم لإصدار بيانات ضد قضية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. وتوضح البرقية، التي أرسلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية يوم الخميس الماضي، خطة العمل الدبلوماسية الإسرائيلية قبل جلسة محكمة العدل الدولية الأسبوع الحالي عبر ممارسة ضغط دولي على المحكمة لعدم إصدار أمر قضائي يأمر الكيان الصهيوني بتعليق حملته العسكرية في غزة .

هذا ورفعت جنوب إفريقيا القضية الأسبوع الماضي. وفي تقريرها المؤلف من 84 صفحة، تؤكد إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تعرف الإبادة الجماعية بأنها “أفعال ترتكب بقصد التدمير، كليًا أو جزئيًا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”. وتؤكد جنوب أفريقيا أن تصرفات إسرائيل في غزة “تعتبر ذات طابع إبادة جماعية لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير من السكان الفلسطينيين في القطاع.

رفض الكيان الصهيوني على الفور القضية .زاعما انها “لا أساس لها من الصحة”، لكنها – على عكس القضايا السابقة في المحاكم الدولية – قررت المثول أمام المحكمة لأنها من الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية. وسيمثل الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية المحامي البريطاني مالكولم شو.

في الكواليس،  تشير برقية وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي إلى أن “الهدف الاستراتيجي” لإسرائيل هو أن ترفض المحكمة طلب إصدار أمر قضائي، وتمتنع عن تحديد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وتعترف بأن الجيش الإسرائيلي يعمل في القطاع. وفقا للقانون الدولي’.

ويتخوف الاحتلال الإسرائيلي كثيرا من ان يكون لحكم المحكمة آثار محتملة كبيرة ليس فقط في المجال القانوني، بل ستكون لها تداعيات عملية ثنائية ومتعددة الأطراف واقتصادية وأمنية…

من المؤسف بل من العار ان تكون دولة جنوب أفريقيا،  وليست دولة عربية ولا إسلامية، هي التي رفعت الدعوى ضد الكيان الصهيوني بسبب ارتكابه جرائم إبادة جماعية في حق اخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر والمجوع من طرف العرب. أيضا.

في هذا السياق، يسجل التاريخ بكل مرارة صمت الجامعة العربية المذل، التي كان عليها أن تتدخل وتساند طلب جنوب إفريقيا الشجاع والتاريخي،  انه عار يلحق بكل الدول العربية أبد الدهر إذا لم يتدخلوا في مثل هذه القضية المصيرية.

ان جنوب إفريقيا بهذا الموقف الرائد تطمح أن تكون الدولة الممثلة لافريقيا كلها في الأمم المتحدة. ولا يسعنا الا ان نحزن على فقد مصر ودول عربية أخرى مثل السعودية والمغرب والجزائر مكانتهم إفريقيا واقليميا وعربيا وبالتالي دوليا.

الفريق العربي للاسف له اهتمامات اخرى، اهتمامات الغناء والترفيه و كرة القدم، اهتمامات لن تزيده إلا ضعفاً و هوانا.

نعتقد ان محور المقاومة يدلو بدلوه في هذه الحرب ويقوم بواجبه. يبقی ان تقوم باقي الدول العربية بواجبها الاخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم عبر وقف التطبيع وقطع العلاقات مع هذا الكيان المجرم والتوقف عن العار بدفاعهم عنه عبر اعتراض الصواريخ والمسيرات المنطلقة من دول محور المقاومة وعبر وقف الامدادت البرية والجوية كما تفعل تركيا والامارات والتوقف عن اغراق السوق الصهيونية بالمنتوجات الزراعية كما يفعل الاردن.

 لماذا تصمت جامعة الدول العربية المتصهينة عن مجازر الإبادة بحق العرب في فلسطين المحتلة ؟

لماذا لا يزال النفاق و الكذب و اللف و الدوران في ابشع صوره مع ان الأمور اصبحت واضحة و مكشوفة و لا تحتاج لتحليل و توضيح من مثقفي و كتاب زمن الردة العربية و خاصة المطبلين منهم لعرب الردة و الذين يقلبون الحق باطلا ويقلبون الباطل حقا ؟

الدول العربية المؤثرة لم تحرك ساكنا لا امام محكمة العدل الدولية، ولا أمام المحكمة الجنائية الدولية حيث سبق ان صرح كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إنه تلقى طلبا من خمس دول فقط للتحقيق في الجرائم الوحشية الصهيونية في الأراضي الفلسطينية. وقال خان إن الطلب جاء من جنوب أفريقيا وبنغلادش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي. نشير هنا إلى ان رئيس المحكمة الجنائية الدولية بالرغم انه باكستاني ، فإنه منحاز للاحتلال الإسرائيلي. رئيس المحكمة الجنائية الدولية سبق ان قال  “إن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية” وهذا مردود عليه، إذ ان روسيا أيضا لم تكن عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ومع ذلك تم التحقيق معها، وتم إصدار حكم بجلب بوتين إلى المحكمة للتحقيق معه. وهذا يظهر بشكل لا لبس فيه ان التمييز- قانونيا- بين أوكرانيا وفلسطين واضح جدا.

ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع مواطني الدول غير الأعضاء في ظروف معينة، مثل حالة الاتهامات المتعلقة بارتكاب جرائم في أراضي الدول الأعضاء. وفلسطين مدرجة ضمن أعضاء المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015.

اضافة الى موقف الدول العربية المذل والمتخادل ، نستغرب كذلك من موقف أردوغان رئيس تركيا من إبادة غزة، حيث إن تركيا عضو في المحكمة الجنائية الدولية وفي محكمة العدل الدولية إلا أن موقف أردوغان سيئ جدا، ويكتفي بالتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع…

أدانت الشعوب العربية والغربية على السواء جرائم الحرب التي ارتكبها العدو الصهيوني خلال هجومه على غزة، والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. وتقدّم حوالي 3061 محاميا بدعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي -في هولندا- تضمنت دلائل تثبت قيام الاحتلال الإسرائيلي بجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة.

وكما هو معروف، فإن طلب رفع الدعوى هو حق ممنوح للدول الأعضاء. أما طلب هؤلاء المحامين المحترمين، فكان بمثابة إبلاغ عن الجريمة وتقديم الأدلة.

وسيكون وقف الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب -التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة- بمثابة خدمة للإنسانية. وهناك بالتأكيد شيء يمكن لكل شخص القيام به. ونحن ندعو جميع الناس إلى التحرك لوقف الإبادة الجماعية.

إذا اتخذ المسؤولون في المحكمة إجراءات فعالة ومناسبة وفقا للقانون، فلن يكون أمام المجرمين الإسرائيليين مفر من القرارات القانونية التي ستصدر ضدهم. لكن إذا انحرف مسؤولو المحكمة عن القانون واتخذوا قرارات غير قانونية نتيجة للضغوط السياسية، فستفقد المحكمة بذلك شرعيتها.

اخيرا تشرح هنا لاخواننا الفلسطينيين ضحايا الابادة الجماعية وعائلاتهم واقاربهم وحتى أصدقائهم الأدلة التي نحثهم على تقديمها لنا كمحامون واي محامي مهتم بالدفاع عن الانسانية والحق في الحياة، وكيف يمكن جمع هذه الادلة؟

يمكن تصنيف الأدلة التي يمكن تقديمها، على سبيل المثال وليس الحصر، فيما يلي:

  1. صور وفيديوهات وتقارير من الصحفيين ووسائل الإعلام التي تعمل في غزة مباشرة.

  2. مقاطع فيديو وشهادات مصدقة من المصابين الذين قدموا من غزة لتلقي العلاج بالمستشفيات الفلسطينية والاجنيية.

  3. شهادات ومقاطع فيديو من أقارب أو معارف هؤلاء المصابين.

  4. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين.

وهي أدلة تتعلق بعدم صحة الأسباب التي قدمها الاحتلال الصهيوني لتبرير الهجوم.

وبغض النظر عن القرار الذي سيصدر، يجب إنشاء محكمة دولية خاصة في العالم العربي والإسلامي تكون فعالة وعادلة. وسيساهم إنشاء مثل هذه المحكمة في تسهيل وصول إرادة شعوب المنطقة إلى السلطة، ومنع حدوث جرائم خطيرة في منطقتنا.

الم يكن من الاحرى ان تتطلع الشعوب العربية بان تجتمع مجموعة من الدول العربية او الإسلامية لإنشاء محكمة دولية ومحاكمة الاحتلال الإسرائيلي  فيها بدل صمتهم المهين؟

إذا اجتمعت الدول العربية او الإسلامية لإنشاء محكمة جنائية دولية فسيكون ذلك مفيدا. وستساهم مثل هذه المحكمة في إرساء السلام الإقليمي والعالمي. وفضلا عن ذلك، ستؤدي مثل هذه المحكمة وظيفة غير مباشرة تتمثل في إيصال إرادة الشعوب إلى السلطة. قد لا تكون هناك حاجة لمثل هذه المحكمة لو كان نظام القانون الدولي يخدم القانون والعدالة. لكن القوانين والمؤسسات القانونية الدولية فقدت شرعيتها لأنها أصبحت لعبة في يد الدول الكبرى، وإلا لما اضطررنا إلى التحدث قانونيا وعمليا عن البديل القانوني لانهيار الشرعية الدولية وسقوط ما يسمى القانون الدولي وفشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن فشلا ذريعا في وقف العدوان الوحشي والهمجي على قطاع غزة

اليوم اكتملت الصورة لكافة العالم، وهي أن أمريكا وكل من يدور في فلكها بالتطبيل والتزمير لا هي راعية حرية ولا ديمقراطية، ولا حقوق الإنسان، يل راعية للإرهاب والدمار وابادة الشعوب، خاصة المسلمة منها، عن بكرة ابيها.

إن القانون والعدالة والقيم القانونية مكاسب مشتركة للبشرية جمعاء. لكن تم اليوم تدميرها وإهدارها بشكل خطير من قبل ممثلي الحضارة الغربية بمعايير مزدوجة ومفهوم خاطئ للإنسان. وعلى المدى الطويل، ستدفع البشرية جمعاء ثمن ذلك.

في انتظار ذلك، ونتيجة لانتصارات المقاومة الفلسطينية الباسلة وصمود شعب غزة الاسطوري، سيتحقق بإذن الله، حل العودتين وليس الدولتين،

يعود إلى ديارهم المستوطنون والمجرمون قتلة الأطفال. والى فلسطين، كل فلسطين،وعاصمتها القدس الشريف، يعود الشعب الفلسطيني العظيم،  المشرد بسبب العدوان الهمجي الصهيوني بمساعدة امبراطوريه الكذب أمريكا وقوى الاستكبار العالمي…وان غدا لناظره قريب.

محامي مغربي بانجلترا

عن الاختيار24

شاهد أيضاً

الهدر المدرسي يكلف المغرب 196 مليون دولار سنويا

أفاد تقرير جديد صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، تحت عنوان: “ثمن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + خمسة =